بسم الله الرحمن الرحيم المنفرد بالعزة والإرادة والتدبير الله أكبر تقدست أسماءه الحسنى وصلّ وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيه محمد وعبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم أما بعد ..
منذ بضعة أيام توجهت قاصدة المسجد بجوار بيتنا .. إذ أقيم محاضرة بصوت الدكتورة المبدعة نوال العيد بعنوان شرح أسماء الله الحسنى , كان من أجمل المحاضرات التي ذهبت إليها في حياتي بأكملها تحدثت عن اسم الله الكريم ( الكافي)
وحين استشعرث عظمة الله تعالى واسمه العظيم .. شعرت بالبكاء في لحظة وفجأةً !! مما قرأت في شرح هذا الإسم للدكتورة نوال العيد أضيف إليه بمقالي هذا ..
فلنأتي ونتحدث عن اسم الله (الكافي)
ما معنى الكافي؟ معناه اللغوي كفى إذا قام بالأمر كله { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} , { وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } أي : كفاك به
وورد أيضاً الكافي هو الذي يعطي الكفاية وفوق الكفاية ويقال الكافي دافع البلاء ( شرح أسماء الله الحسنى صفحة 297)
الله العلي القدير الكافي والساقي والمعطي والمعين هو الرحمن { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الكافي أننا نكتفي بالله و نتوكل عليه فنعم من توكل عليه فإن من توكل على الله لن يصل إليه ضر أو عدو !
قال سبحانه : { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } أما الأقدار التي يقدرها الله سبحانه على الإنسان فلا بد من نفاذها وحصولها فسبحان من أوجد الخير كله وإن كان في عز الشر إما أراد الله زيادة حسنات المؤمن فإذا أصيب المؤمن بضر او أذى إما أن يكون رفعاً وزيادة لحسناته أو تكفيراً لسيئاته وهو في كلا الحالتين خير له ! سبحان الله أنه هو الرحيم الغفور .. أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ الله أرحم بعباده من هذه بولدها
هذه حالنا وحال الدنيا يبتلينا الله ليختبر صبرنا و يوجد و يوعضنا بالخير كله ! فمنا من أبتلى بمرض أو موت أو خسارة أو أو .. ونحن ما حالنا اليوم؟ أين نحن من توكلنا على الله فكان نعم الوكيل و حسيبنا { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }
المؤمن فإن أصابته نعمة فهي من الله وإن أصابه شيء من النقم فهو بسبب ذنوبه أو أيضاً نعمة !! ترفع بها درجاته وحسناته ..
قد ثبت في صحيح المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال ( الحمدالله الذي أطعنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى )
فالعبد لا غنى له عن ربه !! فكان له حافظاً وكافياً وهادياً ومعين .. أحثكم بتطبيق نفعله في حياتنا اليومية وهي شرعت للمسلم في كل مرة يخرج من بيته أن يقول " بسم الله توكلت على ولا حول ولا قوة إلا بالله " فرج همه وحماه الله من الشرور أو ظلم ظالم
روى أبو داود الترمذي وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله توكلت على الله ولاحول ولا قوة إلا بالله قال : يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت فيتنحى عنه الشيطان فيقول شيطان آخر " كيف برجل قد هدي وكفى ووقُي )
أي هديت إلى طريق الحق والصواب وكفيت من كل هم دنيوي ووقيت من كل شر !
فلنأتي الآن مع آثار الإيمان بهذا الإسم (الكافي) :
* أولا : محبة الله عزوجل
* ثانياً : التوكل على وحده والثقة في كفايته وهذا يلقي في قلب المؤمن الطمأنينة
قال ابن القيم - رحمه الله - : " والتوكل من أقوى أسباب التي يدفع بها العبد مالا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم وهو من أقوى الأسباب في ذلك فإن الله حسبه : أي كافيه من كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضر إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً وفرق بين الأذى الذي هو الظاهر إيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه وبين الضرر الذي يتشقى منه "
وقال بعض السلف " جعل الله تعالى لكل عمل جزاء من جنسه وجعل التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )
* ثالثا : كفاية الله تعالى لعبده وتوفيقه كلما قوي إيمان العبد حصلت له الكفاية والتوفيق من الله
* رابعاً : كفاية الله لعباده واسعة { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }
* خامسا : والأهم - إحسان الظن بالله عزوجل وخاصه في الأمور التي ظاهرها الشر والمكروه فمن يدري ؟ لعل في ذلك الخير والكفاية للعبد وهو لا يشعر !! أي أن الكفاية لا تعني بالضرورة في المسرات الظاهرة والنعم وإنما الكفاية قد تكون فيما يكره ويعد حسن الظن بالله ثمرة لمعرفة العبد ربه ! فحسن الظن بالله واعتصام به دون سواه وتوكله عليه في كل امره وهذا يعينه ما حدث لرسول الله وصاحبه في الغار حين أحاط بهم المشركون فقال أبو بكر رضي الله عنه ( لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا فقال صلى الله عليه وسلم : ما ظنك بإثنين الله ثالثهما )
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله تعالى : من علم إني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي مالم يشرك بي شيئا )
ويقول الله عزوجل ( أنا عند ظن عبدي بي فلظن بي ما يشاء ) فلنحسن الظن بالله ونجعله جميلاً بكل ثقة وحب
فعلى المؤمن المحب لربه أن يعرف جميل ربه وعفوه وحلمه على العباد !
* سادسا: كثرة الدعاء والتضرع إلى الله التوسل له بأسماءه الحسنى فهي أحب إليه !
ومن أسماء الله الحسنى التي تبعث قوة الرجاء والأنس بالله : الرحمن , الرحيم , البر , المحسن , اللطيف , الودود الغفور الغفار الرؤوف, العفو , التواب , الفتاح , الواسع , الرفيق, القريب, المجيب , العليم
أسأل الله أن ينفع عباده المسلمين بهذا المقال - للدكتورة نوال العيد -
راجياً منكم الدعاء لي بصالح دعائكم ..
